إعداد: عبد الغاني كرومي
باحث بالمركز المغربي للتنمية الفكرية
مما لاشك فيه، وكما يؤكد مختلف الخبراء والفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين على أن ماقبل كورونا ليس مابعدها، وهذا ليس في المغرب فحسب بل على مستوى المعمور ككل. فحجم التحديات ضخم جدا، لكن أيضا هامش المبادرة وحجم الفرص ورهان التغيير للأفضل قائم أيضا، ونسبته وإن كان للعوامل الخارجية دور مهم فيها، فيبقى للعوامل الداخلية ولاسيما طريقة إدارة المرحلة المقبلة أهمية أكبر.
الحكومة المغربية، وخلال عدة مناسبات أكدت على أنها واعية بخطورة وأهمية المرحلة ، ومما يدلل على ذلك ما صرح به رئيسها، السيد سعد الدين العثماني، في لقاء عقده عن بعد يوم الجمعة 29 مايو 2020 مع قيادات الأحزاب غير الممثلة في البرلمان في إطار المبادرة التشاورية، التي أطلقها مع مختلف القوى السياسية والنقابية والجمعوية لتدبير مرحلة ما بعد 10 يونيو، على أن الحكومة بصدد اتخاذ خيارات استراتيجية لتدبير مرحلة ما بعد رفع الحجر الصحي، والتي تشمل إلى جانب الأولويات المسطرة في البرنامج الحكومي، والمتعلقة أساسا بالتعليم والصحة والتشغيل والحماية الاجتماعية، أولويات أخرى مثل التحول الرقمي، وإنعاش الاقتصاد الوطني واستشراف معالم الاقتصاد ما بعد رفع الحجر الصحي.
في هذا المقال، نحاول تسليط الضوء على التحول الرقمي على مستوى الإدارة المغربية، لنتساءل عن أسباب تأخر هذا المسار، بالرغم من أنه ورش مفتوح منذ أمد بعيد، كما نتساءل عن الشروط الموضوعية التي يتعين توفرها لنجاح هذا التحول، لاسيما وأن كل فشل في كسب هذا الرهان، لا قدر الله، هو خسارة فادحة لبلادنا اقتصاديا واجتماعيا.
أولا: تجارب المغرب في مجال التحول الرقمي: النجاحات والإخفاقات
1.مشروع المغرب الرقمي
أ.الاستراتيجية الوطنية لمجتمع المعلومات والاقتصاد الرقمي : 2009 – 2013
حددت هذه الاستراتيجية بالنسبة للإدارة المغربية رهانات أساسية في تحسين الخدمات العمومية وتخفيض الكلفة عبر إنجاز خدمات الحكومة الإلكترونية ومعالجة آلية ومبسطة للمعلومات، مما سيسمح للدولة المغربية الرفع من المردودية من جهة، وتحويل المجتمع المغربي تدريجيا إلى مجتمع المعلومات تماشيا مع حاجيات وتطلعات المواطنين والمقاولات من جهة ثانية.
وفي هذا الصدد، تبنت هذه الاستراتيجية رؤية تقوم على جعل قطاع تكنولوجيات المعلومات مصدرا للإنتاجية والقيمة المضافة بالنسبة للإدارة العمومية ولباقي القطاعات الاقتصادية. ولهذا الغرض، وبهدف تقريب الإدارة من حاجيات المتعاملين معها من حيث الفعالية والجودة والشفافية، عبر وسائط التكنولوجيا الجديدة، فقد حددت مجموعة من التدابير والإجراءات تروم من جهة إلى إحداث الهيئات القيادية المخصصة لبرنامج الحكومة الإلكترونية، ومن جهة أخرى إلى تسريع وتيرة إنجاز الخدمات العمومية الموجهة للمتعاملين مع الإدارة.
فيما يتعلق بأجهزة الحكامة فقد أناطت هذه الاستراتيجية بالهيئات القيادية المخصصة لبرنامج الحكومة الإلكترونية القيام بحوسبة المساطر والإجراءات الإدارية من جهة، وضمان تعاون أفقي بين مختلف الهيئات الوزارية والإدارية في مجال إنجاز المشاريع والخدمات المتعلقة بالحكومة الإلكترونية، من جهة أخرى، وذلك وفق مبادئ تقوم على بلورة رؤية مشتركة لمجموع الحكومة ومخطط عمل ينسجم مع الأولويات الحكومية؛ وعلى ترشيد كلفة التسيير والاستثمار الخاصة بمشاريع وخدمات الحكومة الإلكترونية؛ وتقديم دعم خاص لمختلف الوزارات والإدارات والجماعات المحلية لمساعدتها على إنجاز مشاريعها وتوفير خدماتها المتعلقة بالحكومة الإلكترونية؛ مع العمل على تقويم النتائج المحققة بالمقارنة مع الأهداف المحددة والوسائل المستخدمة.
أما فيما يتعلق بتسريع وتيرة إنجاز الخدمات العمومية الموجهة للمتعاملين مع الإدارة، فقد حددت الاستراتيجية أفق سنة 2013 لتنفيذ مجموع خدمات ومشاريع الحكومة الإلكترونية، مع التركيز في بداية تنفيذ الاستراتيجية على الخدمات التي تستهدف تحسين الفعالية وتقليص تكاليف الإدارة، والخدمات التي تروم تبسيط المساطر الإدارية للمقاولات، إلى جانب الخدمات المنشئة لإدارة في خدمة المواطنين.
ولأجل تحقيق الأهداف المنشودة اقترحت الاستراتيجية إجراءين مواكبين أساسيين: الأول يهم الرأسمال البشري، من خلال مبادرات تقوم على حكامة خاصة بالرأسمال البشري، وإعداد مخططات للتكوين تستجيب لحاجيات قطاع تكنولوجيات المعلومات، وتطوير عروض البرامج من أجل استخدام أفضل للحاصلين على شهادات في تكنولوجيات المعلومات، أما الإجراء الثاني المواكب فيتعلق بكسب رهان الثقة الرقمية لدى مختلف المتدخلين من إدارة ومقاولات ومرتفقين، من خلال مبادرات تتوخى تأهيل وتعزيز الإطار القانوني، ووضع الهياكل التنظيمية الملائمة، والترويج والتحسيس بأمن الأنظمة المعلوماتية.
ب. استراتيجية المغرب الرقمي الجديدة:
قدمت الخطوط العريضة لهذه الاستراتيجية الجديدة تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة في يوليو 2016، وتروم تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، ويتعلق الأمر بتسريع التحول الرقمي للاقتصاد الوطني، وتقوية مكانة المغرب كقطب رقمي جهوي، وإزاحة العوائق البنيوية وبالخصوص المتعلقة بالحكامة والمؤهلات البشرية.
وفي إطار تفعيل هذه الاستراتيجية تم إحداث وكالة التنمية الرقمية[1] عهد إليها السهر على تطوير القطاع الرقمي، وتنفيذ برامج الحكومة في هذا المجال، وتشجيع نشر الوسائل الرقمية وتطوير استخدمها بين المواطنين، بالإضافة إلى تنسيق وتوحيد جهود مختلف الفاعلين في المجال.
2.تنفيذ مشروع المغرب الرقمي: الانجازات والإخفاقات
أ.الانجازات
مما لاشك فيه أن أهم الانجازات التي يمكن الإشارة إليها في هذا الصدد تتمثل، بالإضافة إلى التزايد الملحوظ في الخدمات التي تقدمها مختلف القطاعات العمومية عبر الشبكة العنكبوتية، في إحداث وكالة التنمية الرقمية، والتي وضعت خارطة طريق لعملها في أفق سنة 2025. وللإشارة، فقد كانت انطلاقتها العملية سنة 2019 حيث تم توظيف الموارد البشرية، ومن تم الانخراط في عدد من المشاريع، من بينها الورش الأساسي المتعلق برقمنة الإدارة والاقتصاد والمجتمع، بالإضافة إلى الأوراش القطاعية، والتي تروم وضع بيئة ملائمة للتنمية الرقمية، ويتعلق الأمر بالبنية التحتية، والإطار القانوني، والتكوين، وترسيخ الثقة والثقافة الرقمية.
وفي إطار الحد من التأثيرات السلبية لجائحة كورونا- كوفيد 19 ، انخرطت الوكالة مؤخرا كذلك في المجهودات الحكومية الرامية إلى وضع آليات العمل عن بعد، حيث بادرت إلى إحداث بوابة “مكتب الضبط الرقمي” الذي تمكن الإدارات من تدبير المراسلات الواردة والصادرة عنها، وكذا بوابة “الشباك الإلكتروني للمراسلات” التي تسمح للإدارات بمعالجة المراسلات آليا، فضلا عن خدمة “الحامل الإلكتروني” التي تمكن الإدارات المنخرطة فيها من التجريد المادي والكامل لتدفق مختلف الوثائق الإدارية التي تستلزم قيمة إثباتية ومن التوقيع الإلكتروني.
أ.بعض الإخفاقات
يمكن رصد الإخفاقات في مجال التحول الرقمي بالمغرب في عدة مجلات، فبالإضافة إلى التأخير في التنزيل، لابد من الإشارة إلى السرعات المتعددة بين مكونات الإدارة المغربية وداخل كل مكون من مكوناتها. هذا إلى جانب ضعف تأهيل الرأسمال البشري، وعدم قدرة الإدارة في العموم على مواجهة آثار وباء كورونا المستجد.
-التأخر وضعف الانجازات فيما يتعلق باستراتيجيات المغرب الرقمي:
إن أول ما يمكن أن تؤاخذ عليه الحكومة بصفة عامة والإدارة على الخصوص في مجال الرقمنة هو التأخر البين في تنزيل استراتيجية المغرب الرقمي، فالبوادر الأولى لهذه لاستراتيجية بدأت منذ سنة 1999، مع الخطة الخماسية الأولى في مجال الرقمنة للفترة مابين 1999 و 2003، ثم تلتها استراتيجية المغرب الإلكتروني 2005-2010، فاستراتيجية المغرب الرقمي التي همت الفترة 2009-2013[1]، لتليها بعد ذلك استراتيجية “المغرب الرقمي” الجديدة التي انطلقت ابتداء من يوليو 2016[2]، غير أن ما تحقق لحد الآن يبقى هزيلا مقارنة مع الأهداف والغايات التي رسمتها هذه الاستراتيجيات، وهذا ما أكده تقرير المجلس الأعلى للحسابات الصادر سنة 2014 بخصوص استراتيجية المغرب الرقمي 2009-2013، حيث اعتبر أن هذه الأخيرة شهدت تأخرا على مستوى تجسيد كافة الإجراءات والمشاريع المبرمجة[3] .كما أن هيئة الحكامة “وكالة التنمية الرقمية” التي عهد إليها بتنفيذ استراتيجية الدولة في مجال التنمية الرقمية وتشجيع نشر الوسائل الرقمية وتطوير استخدامها بين المواطنين لم تحدث إلا في غضون سنة 2017، علما أن لجان تنسيق حكامة الاستراتيجية الرقمية المحدثة سابقا، والمتمثلة في المجلس الوطني لتكنولوجيا الإعلام والاقتصاد الرقمي (2012) واللجنة المشتركة بين الوزارات للحكومة الإلكترونية (2013) قد أبانت على محدودية في عملها بسبب ضعف الصلاحيات الموكولة إليها للتحكيم واتخاذ القرارات فيما يتعلق بإطلاق البرامج وتنفيذها[4]. وهذا يدلل على أن المغرب أضاع وقتا ثمينا، كان من شأن استثماره أن يمنحه نقاطا مهمة في مسار التنمية، كما كان من شأنه أن يمكنه من التقليص من التداعيات السلبية لوباء كورونا على الإدارة والاقتصاد والمجتمع المغربي.
-وجود تباين كبير بين الإدارات العمومية وفيما بين كل مكون من مكونات هذه الإدارة فيما يتعلق باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال:
خلافا لما جاء في الاستراتيجية الوطنية لمجتمع المعلومات والاقتصاد الرقمي، ولاسيما ما يتعلق بالتضامن الحكومي في مجال إنجاز المشاريع والخدمات المتعلقة بالحكومة الإلكترونية، فإن بعض القطاعات الحكومية قطعت أشواطا مهمة في هذا المجال، في حين أن أخرى وعلى الأرجح الجزء الأكبر من مرافقها لازال يراوح مكانه. فالتدبير الورقي هو السائد في التعامل بين مختلف الإدارات، على اعتبار أنه حتى بالنسبة للإدارات، التي خطت خطوات مهمة في مجال الرقمنة، فهي تضطر لتبادل المراسلات والوثائق الورقية مع باقي الإدارات، كما أن المساطر والإجراءات في مجملها ورقية، هذا فضلا عن كون أغلب المرتفقين يضطرون لقطع مسافات كبيرة وتحصيص أوقات طويلة للحصول على الخدمات الإدارية في عين المكان.
-عدم تأهيل الرأسمال البشري:
نظرا لأهمية الرأسمال البشري في إنجاح أية سياسة عمومية، فلقد اعتبرته الاستراتيجية الوطنية لمجتمع المعلومات والاقتصاد الرقمي ضمن الإجراءات المواكبة الأساسية؛ غير أن ما يمكن ملاحظته في هذا الصدد، هو ضعف برامج التكوين الرامية إلى تأهيل العنصر البشري، لاسيما ما يتعلق باستخدام الأنظمة المعلوماتية وأدوات الاتصال الحديثة. هذا فضلا عن غياب برامج لتقييم مدى فعالية مخططات التكوين واستجابتها للحاجيات الحقيقية للإدارة ولمتطلبات المرتفقين. ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى التصنيف المتأخر للمغرب في مؤشر برنامج الحكومة الإلكترونية الذي تضعه الأمم المتحدة على مستوى الرأسمال البشري، حيث يحتل الرتبة 148 من بين 193 دولة التي شملها التصنيف[5].
-مستجد فيروس كورونا- كوفيد 19:
أبانت جائحة كورونا عن قصور كبير للإدارة المغربية في مواجهة هذا المستجد غير المرحب به. فلمواجهة هذا الوباء اتخذت الدولة عدة تدابير احترازية، ولعل أبرزها حالة إعلان حالة الطوارئ الصحية وما نجم عنها من حجر صحي، الشيء الذي أبان عن عدم استعداد أغلب الإدارات العمومية عن مواجهة هذا الوضع، حيث اضطرت إلى السماح للموظفين بالمكوث في منازلهم وتعطيل المرافق العمومية، وذلك لعدم جاهزيتها للعمل عن بعد.
ثانيا: رهان التحول الرقمي الحالي وشروط النجاح
1.الإرادة المعبر عنها من طرف الحكومة
عبر السيد رئيس الحكومة في أكثر من مناسبة عن أهمية بل ضرورة التحول الرقمي. ولعل من أهم المؤشرات على ذلك هو التعديل المرتقب لقانون المالية. فخلال الجلسة المشتركة لمجلسي البرلمان المخصصة لتقديم السيد رئيس الحكومة لبيانات تتعلق ب”تطورات تدبير الحجر الصحي ما بعد 20 مايو 2020، حدد التحول الرقمي، بوصفه رافعة للتنمية ومن الدعامات الأساسية للقطاعات الاستراتيجية التي بتعين العناية بها ومدها بالإمكانيات الضرورية لضمان عودة قوية للاقتصاد الوطني في مرحلة ما بعد كورونا.
كما أكد السيد رئيس الحكومة، في نفس المداخلة، على أن المغرب أصبح يمتلك رؤية واضحة لتسريع هذا التحول في المستقبل، تقوم فيما يخص القطاع العام على الانتقال من الحكومة الإلكترونية أو من رقمنة مسارات الأعمال الإدارية وتقديم الخدمات على الورق إلى هيكلة جديدة مصممة رقميا للخدمات وللمسارات. أما فيما يتعلق بالمتعاملين مع الإدارة فيتطلب هذا التحول، حسب السيد رئيس الحكومة، اعتماد مقاربة تتمحور حول المرتفقين بحيث تمكن المواطنين وتمكن المقاولات من التفاعل والتعاون مع القطاع العام لتحديد حاجاتهم الخاصة والاستجابة لها.
2.إصدار مجموعة من الدوريات والمناشير المتعلقة بالخدمات الرقمية
أ.منشور وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 1/2020 بتاريخ 01 أبريل 2020 بشأن التدابير الوقائية من خطر انتشار وباء “كورونا” بالإدارات العمومية والجماعات الترابية والمقاولات العمومية:
أكد هذا المنشور على مجموعة من التدابير الوقائية، ومن ضمنها توفير الخدمات الإدارية، المقدمة للمرتفقين، على الخط، وتوفير جميع وسائل الاتصال الملائمة البديلة لتوافد المرتفقين على مصالح الإدارة. كما أكد المنشور كذلك على أهمية تقليص تداول وتبادل الوثائق الورقية، واعتماد التبادل الإلكتروني لها، واستعمال تقنية المناظرة المرئية كلما كان ذلك في الإمكان، فيما بين العاملين بالمرافق العمومية.
ب. منشور وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 2/2020 بتاريخ 01 أبريل 2020 بشأن الخدمات الرقمية للمراسلات الإدارية:
اعتبر هذا المنشور أن اعتماد الحلول الرقمية أصبح من الوسائل التي لا محيد عنها لضمان استمرارية العمل الإداري وتقليص تبادل المراسلات والوثائق الورقية.
ج.منشور وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 3/2020 بتاريخ 15 أبريل 2020 بشأن العمل عن بعد بإدارات الدولة:
وضع هذا المنشور رهن إشارة الإدارات العمومية دليلا عمليا يتضمن مجموعة من الإرشادات والالتزامات والتوجيهات فيما يخص العمل عن بعد.
3.تحديات التحول الرقمي
من خلال ما سبق، يتضح جليا أن ما يطرح الإشكال على العموم في بلادنا، ليس هو غياب النصوص القانونية، ولا حتى غياب التعبير عن الإرادات والتصورات ووضع الاستراتيجيات والبرامج ، بل هو التنزيل السليم لهذه الاستراتيجيات في مشاريع وبرامج تتجه بوصلة تنفيذها نحو 100%، مع خطط موازية بالنسبة لتلك التي تعاني صعوبات.
إذن، فالتحدي المطروح على الحكومة ومن ورائها الإدارة، هو كيف نكسب رهان التحول الرقمي، في أقرب الآجال، خاصة وأن آثار جائحة كوفيد 19 لازالت ترخي بظلالها على الاقتصاد المغربي وعلى الحياة الاجتماعية لفئات عريضة من المواطنين. كما أن الوضع لا يسمح بتعطيل المرافق الإدارية والاقتصادية، لاقدر الله، في حالة موجهة ثانية من هذا الوباء، لاسيما وأن عددا من الخبراء يتوقعونها في غضون الخريف المقبل.
الإدارة إذن، ولاسيما أصحاب القرار بها، يتحملون مسؤولية كبيرة في توفير العدة اللازمة والضرورية التي يتطلبها التحول الرقمي، والتي يتعين أن لا تستثني أي مكون من مكونات الإدارة وبأية حجة كانت، فالإدارة جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد، كما يتعين أن تنجز في أفق زمني معلوم، وذلك حتى يتسنى تفعيل آليات المساءلة في حالة سوء أو ضعف أو عدم التنزيل، وهذا من شأنه تجنيب بلادنا جانب مهم من الأضرار الناجمة عن وباء كورونا على المدى القصير من جهة، كما من شأنه أن يساهم في تمكين بلادنا من بلوغ اقتصاد المعرفة، وما يمثله من فرص للتنمية الحقيقية المبنية على الرأسمال البشري على المدى المتوسط والطويل، من جهة أخرى.
[1] أحدثت هذه الوكالة بموجب القانون رقم 61.16 الذي تم نشره بالجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ 14 شتنبر 2017، كما صدر بالجريدة الرسمية المؤرخة في 14 دجنبر 2017 المرسوم التطبيقي للقانون السالف الذكر.
[2] المجلس الأعلى للحسابات، تقرير بشأن تقييم استراتيجية المغرب الرقمي 2013، ص 7، فبراير 2014.
[3] الجواب الكتابي للسيد وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر و الرقمي بتاريخ 22 مايو 2020 تحت عدد 744 عن سؤال برلماني حول تقييم استراتيجية المغرب الرقمي.
[4] نفس تقرير المجلس الأعلى للحسابات السابق، ص 8.
[5] المجلس الأعلى للحسابات، خلاصة التقرير حول تقييم الخدمات على الإنترنيت الموجهة للمتعاملين مع الإدارة، ص 8، مايو 2019.
[6] المرجع السابق، ص 2، مايو 2019.
المراجع:
- المغرب الرقمي، الاستراتيجية الوطنية لمجتمع المعلومات والاقتصاد الرقمي – 2009- 2013.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الموضوع الخاص للتقرير السنوي 2016: التحول الرقمي في خدمة المواطن ومن أجل تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
- المجلس الأعلى للحسابات، تقرير بشأن تقييم استراتيجية المغرب الرقمي 2013، فبراير 2014.
- المجلس الأعلى للحسابات، خلاصة التقرير حول تقييم الخدمات على الإنترنيت الموجهة للمتعاملين مع الإدارة، مايو 2019.
- مداولات مجلس النواب- دورة أبريل 2020، محضر الجلسة 122، بتاريخ الأربعاء 27 رمضان 1441 ه (18 مايو 2020 م) بشأن جلسة مشتركة بمجلسي البرلمان تخصص لتقديم السيد رئيس الحكومة لبيانات تتعلق ب” تطورات تدبير الحجر الصحي ما بعد 20 مايو 2020.
- الدوريات والمناشير الصادرة بشأن الخدمات الرقمية الواردة بالمقال.
- الجواب الكتابي للسيد مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر و الرقمي بتاريخ 22 مايو 2020 تحت عدد 744 عن سؤال السيدة الحاتمي غيثة النائبة البرلمانية حول تقييم استراتيجية المغرب الرقمي.