من إعداد: د. عبد العزيز رشدي
تقديم
عرف القطاع السياحي تطورا مهما منذ منتصف القرن العشرين وتحول مع مرور الوقت إلى عامل مهم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالعديد من الدول الأوربية المتقدمة في هذا المضمار (اسبانيا، فرنسا، إيطاليا …) وبدول أيضا نامية (تونس ، مصر، اليونان..) وقد عملت هذه الدول على النهوض بالقطاع لتطوير اقتصادها وإنعاش الاستثمار السياحي بكل المجالات الترابية وتوزيعها بشكل عادل لتحقيق التنمية المستدامة .
تشير احصائيات المنظمة العالمية للسياحة سنة 2010 أن مابين سنوات 1990 و2000 عرفت حركة السياحة الدولية حوالي 600 مليون سائح ، ووصلت إلى أكثر من 900 مليون سائح سنة 2008 منتقلة من نسبة 31 %سنة 1990 إلى نسبة 45% سنة 2008 .
والمغرب سعى بدوره إلى إعطاء السياحة مكانة متميزة في مختلف مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ حصوله على الاستقلال لدورها التنموي وتأثيراتها الايجابية على العديد من الأنشطة الاقتصادية بالبلاد (الشغل، تنمية المقاولة ، خلق فرص التنمية بالمواقع والمناطق السياحية..).
لكن بالرغم من الأولوية التي أعطيت للسياحة مند الاستقلال إلى الآن وعلى حساب قطاعات اقتصادية أخرى ، فقد ظلت السياسة السياحية بالبلاد تشكل علامة استفهام كبيرة، وتجعل الباحث يتأمل كثيرا عن جدوى التخطيط السياحي؟ فبالرغم من المكانة التي حضي بها القطاع السياحي فقد ظل يتحرك بوتيرة بطيئة ولم يحقق كل الأهداف المرجوة منه، مما يحيل ذلك على مفارقات كبيرة في القطاع السياحي ، ويجبرنا على التساؤل عن أهم الأسباب التي حالت دون تبوأ القطاع السياحي المكانة اللائقة به أسوة بالدول السياحية (تركيا نموذجا ) الرائدة في هذا المجال.
الفرع الأول: التخطيط السياحي بالمغرب
حظيت السياحة مند سنة 1965 بالأولوية ، وكان ذلك بدافع تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وجلب العملة الصعبة لاستيراد ما تحتاجه البلاد من منتجات غذائية ومعدات تجهيزية .
وقد كان القطاع يعرف تطورا مهام بالدول الأوربية القريبة وكانت بعض المؤسسات الدولية كالبنك الدولي مثلا توصي الدول السائرة في طريق النمو ومنها المغرب ، بضرورة النهوض بالسياحة للخروج من التخلف ، فالقطاع حسب الهيآت الدولية يساهم في جلب العملة الصعبة ، وتنشيط العديد من المجالات كالبناء والنقل والأشغال العمومية والصناعة التقليدية ويحدث العديد من فرص التشغيل.
كما أسلفنا الذكر فقد بدأت ملامح السياسة السياحية توجهاتها تتحدد مع المخطط الثلاثي (1965/1967) وهذا المخطط سجل بداية انطلاق الاستثمارات العمومية في القطاع، وقد لعبت الدولة دور المقاولة السياحية وقامت بإحداث أشغال التهيئة الكبرى، والبنيات التحتية والتجهيزات.
وفي ذات السياق قامت الدولة أيضا بتهيئة عدة مواقع سياحية وانصبت معظم المجهودات على تهيئة أربع أقطاب سياحية في إطار المواقع ذات الأولوية (طنجة، تطوان، الحسيمة ، أكادير..) و لهذا الغرض خلقت عدة مؤسسات عمومية وشبه عمومية ( المكتب الوطني للسياحة ، صندوق الايداع والتدبير ، البنك الدولي للانماء الاقتصادي ..)للاستثمار في تلك المناطق.
سارت المخططات الموالية على نفس النهج وتضمنت برامج جعلت من السياحة والتهيئة السياحية إحدى المحاور الرئيسية للتنمية ، ولعبت الدولة دائما دور المخطط والمنعش للقطاع السياحي الذي كان يحظى بنفس الأولوية التي حظي بها القطاع الفلاحي وتكوين الأطر[1]
وعموما فقد تمحورت مختلف برامج المخططات السياحية على التهيئة والتجهيز والاستثمار والإنعاش لدعم الطاقة الإيوائية وزيادة عدد الآسرة وجلب السياح الأجانب وعائدات العملة الصعبة .
لكن مع بداية الثمانينات بدأت تتقلص تدريجيا الاعتمادات المخصصة للقطاع ، وأصبحت الدولة تتخلى تدريجيا عن القطاع في إطار إعادة توجيه الاقتصاد ونهج سياسة الخوصصة، وقد شكل مخطط 1981/1985 نهاية دولة العناية وإعادة النظر في السياسة الاجتماعية والاقتصادية وانقلب دور الدولة ( من الدولة المنعشة والمستثمرة إلى الدولة المراقبة .[2])
وكانت عودة الاهتمام بالقطاع مع بداية سنة 2000 التي شكلت نقطة تحول في السياسة السياحية ، حيث عملت الدولة على وضع مخطط استراتيجي جديد ( رؤية 2000/2010 ) هذه الأخيرة جاءت بتوجهات جديدة لتحديث القطاع والنهوض به للإقلاع بقاطرة السياحة حسب مهندسي ومخططي السياحة ، والهدف الأسمى هو جلب 10 مليون سائح إلى جانب جلب العملة الصعبة التي تم توقعها في 480 مليار درهم نهاية سنة 2010 وإحداث حوالي 600 ألف منصب شغل للمغاربة بصفة مباشرة وغير مباشرة .
أما عن أهم مرتكزات الرؤية المنصرمة فقد تجلت في خلق ثقافة تدبيرية تشاركية بين القطاع العام والخاص في إطار برنامج تعاقدي يسعى إلى تحفيز الاستثمار والإنعاش السياحي، وخلق أوراش كبرى من شأنها دعم التنمية المستدامة وجعل المغرب في مصاف الدول السياحية الرائدة ، ومن ضمن الأوراش الكبرى ( خلق محطات سياحية جديدة في إطار ما يسمى بالمخطط الأزرق، تطوير المنتوج الثقافي والشاطئي والقروي ، تحسين النقل البري ، النقل الجوي ، التسويق، الإنعاش والتواصل ، دعم الطاقة الإيوائية والبنية التحتية السياحية …).
وتضمنت تلك الرؤية أيضا تدابير موازية تشريعية وقانونية ومؤسساتية ومالية وجبائية للنهوض بالقطاع .
بعد انتهاء رؤية 2000/2010 تم الشروع في وضع رؤية جديدة في إطار استمرارية تنمية القطاع السياحي وهي رؤية 2010/2020 وحسب المخططين والمهندسين للسياسة السياحية بالبلاد، فهذه الأخيرة تبرز الخيار الاستراتيجي للدولة والفاعلين الاقتصاديين وجعل السياحة من الأولويات للنهوض بالتنمية والتهيئة الترابية، أما عن أهم خطوطها العريضة :
استقطاب حوالي 20 مليون سائح في أفق سنة 2020
خلق 470.000 ألف منصب شغل خلال فترة 2011/2020
مضاعفة المداخيل السياحية لتصل إلى 140 مليار درهم سنة 2020
واستند المخطط الجديد على محورين أساسيين لتطوير القطاع يتمثل الأول في تدعيم وتثمين الشراكة بين القطاعين العام والخاص ، والثاني في إدراج مفهوم جديد يكمن في التنمية الجهوية المستدامة .
وهكذا نرى أن السلطات العمومية قد راهنت من خلال المخططات السياحية وخاصة مخططي 2010 و2020 على تعزيز وتطوير السياحة بالمغرب ، وجعل البلد يحدو حذو الدول المتقدمة في القطاع ، فهل يا ترى حققت السياسات السياحية المتبعة أهدافها ؟
الفرع الثاني : السياسة السياحية: مفارقات وتناقضات
كان رهان السلطات العمومية كبيرا على تطوير القطاع السياحي من خلال مشاريع وبرامج المخططات التنموية للنهوض بالقطاع وجعله رافعة للتنمية ، لكن الحصيلة كانت في أغلب الأحيان دون التوقعات بسبب ضعف البرامج وعدم الالتزام بها أحيانا وسوء تنفيذها أحيانا أخرى،مما أسفر عن مفارقات مهمة ، فقد كانت البرامج السياحية تتشابه ولا تتغير إلا في أرقام التوقعات التي كانت ضخمة وغير عملية ويصعب تحقيقها، كما أن الكثير منها كان مستوردا ولا يتناسب مع الأوضاع والحاجيات الأساسية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد ولا مع الثقافة المغربية ، هذا بالإضافة إلى عدم العمل . تقارير مختلف الدراسات التي تم إجراؤها حول مكامن ضعف مختلف مجالات القطاع السياحي.[3]
ومن مفارقات القطاع أيضا أنه كان يتم استبدال بعض البرامج وتعويضها بأخرى غير واردة في المخططات السياحية ، في هذا الصدد يرى أحد المهنيين في القطاع أن الدولة قد عملت بمخططات سياحية ثلاثية ورباعية وخماسية ، وأن نسبة تنفيذ هذه المخططات لم تتعدى في أحسن الأحوال نسبة 40% فقط من مشاريع الاستثمار .[4]
فضلا عن ذلك ظلت السياسات الحكومية المتتالية رهينة التغيرات الدولية وتوجيهات المؤسسات الدولية وهو ما ظهر مثلا من خلال برنامج التقويم الهيكلي وإسقاطاته على قطاع السياحة.
وبالرغم من اهتمام الدولة بالقطاع السياحي مند سنة 1965 فقط تم الاقتصار على مشاريع مكلفة دون دراسة توقعية لآفاقها المستقبلية والدولية مما أفرز استثمارات كبرىبالسواحل الشاطئية المعروفة (طنجة ، تطوان، الحسيمة، اكادير) هذا بالرغم من المؤهلات الحضارية والطبيعية التي تحظى بها باقي المناطق المغربية، وهو ما تسبب في فجوة التنمية بين مختلف مناطق البلاد.
فالأولوية التي أعطيت للقطاع بقيت نظرية ، إذ لم توضع الوسائل والإمكانيات الكافية لتطوير القطاع سواء على المستوى المالي أو البشري أوالمادي … فغياب الإمكانيات أدى إلى إحباط كل الاستراتيجيات المرسومة للقطاع السياحي ، زد على ذلك سوء التدبير وغياب الحكامة.
ومن الواضح أن تلك المفارقات قد انعكست على العديد من المناطق السياحية المغربية وعلى رأسها بعض المدن التاريخية، والأكيد أن الأسباب متعددة (أهمها ضعف آليات الدعاية والإشهار والتسويق لفائدة المنتوج السياحي المغربي، ضعف مجالات التنشيط والترفيه السياحي، المشاكل العقارية (قلة الرصيد العقاري، تعدد الأنظمة العقارية، غلاء الأراضي، مشاكل التعمير..) والحالة المزرية التي توجد عليها العديد من المدن والمراكز الحضرية بسبب غياب متطلبات النظافة، ضعف البنيات التحتيةمن كهرباء وماء وتطهير…).
وقد حاولت الدولة التخفيف من حدة الاختلالات وسوء التدبير وإرساء حكامة جيدة للقطاع من خلال وضع رؤية (2000/2010) كما أسلفنا الذكر، ووضعت تدابير موازية مالية وتشريعية ومؤسساتية، لكن بالرغم من ذلك فالرؤية المنصرمة لم تحقق الأهداف المرجوة منها ، وظل القطاع يعيش مفارقاته المستدامة ، وكانت النتائج متوسطة بالنظر أيضا للإكراهات التي ظل يتخبط فيها القطاع.
فمشاريع المخطط الأزرق مثلا التي كانت من بين الأوراش الكبرى في المخطط السابق عرفت بدورها عدة مفارقات ، بحيث أنه بالرغم من مرور أزيد من 10 سنوات على البدء في انجاز المحطات الساحلية الست ، ثم الاقتصار على إحداث ثلاث محطات سياحية وهي السعيدية ومازاكان بالجديدة ومحطة موكادور بالصويرة ، أما باقي المحطات المبرمجة في المخطط الأزرق فلا زالت تعرف تعثرا في إنجاز وتيرة الأشغال ، مما جعل برمجة استكمال هذه المحطات يدخل في إطار رؤية 2010/2020) .
فالمفارقات التي يعرفها التخطيط ببلادنا لا تقتصر على القطاع السياحي فقط ، بل تتعداه إلى كل المجالات سواء الصحية والتربوية والثقافية ويكمن السبب أساسا في غياب التخطيط المبني على الرؤية والاستشراف .
فالدولة حسب العديد من المحللين والخبراء في القطاع السياحي لا ينبغي لها أن تكتفي ببناء المركبات السياحية والفنادق والقرى السياحية ، هذه أمور لا غنى عنها ، لكن بالموازاة مع ذلك فإن الأمر يتطلب بذل مجهودات كبرى لتحسين البنيات التحتية بالبلاد من خلال تشييد الطرق والطرق السيارة والمستشفيات والمراكز الصحية ، وتوفير النقل الجيد ، وإعداد المواطن المغربي لاستقبال السياح الأجانب حتى تصبح لدينا ثقافة سياحية.
إن السلطات العمومية وعلى رأسها وزارة السياحة تنهج سياسة غير شمولية باعتمادها أكثر على إعداد وتهيئة السواحل التي تتطلب قدرات مالية وتقنية مهمة، وتغفل عن السياحة الثقافية خاصة بالمدن العتيقة والقصبات…
وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على انتهاء رؤية 2010 فلازال عدد السياح الأجانب الوافدين على بلادنا لا يتعدى 10 مليون سائح ؟ أي رقما ثابتا بعدما راهنت وزارة السياحة على جلب 20 مليون سائح في أفق سنة 2020 ، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يتم استكمال العدد بالجالية المقيمة بالخارج، وكذلك الأمر بالنسبة للإيرادات المحققة فقد بلغت 56 مليار درهم عند نهاية سنة 2010 ، في حين بلغت 59 مليار درهم سنة 2015 بنسبة نمو لا تتجاوز 5% فقط.
فالدولة كانت دائما تردد بأن السياحة ستكون مفتاح التنمية والرقي الحضاري ببلادنا لكن السياسة السياحية ظلت تعاني من عدة أعطاب ومفارقات مزمنة نذكر أهما:
– إعطاء الأولوية للسياحة على حساب الصناعة مثلا.
– تمركز السياحة المغربية بصفة خاصة بوجهتي أكادير مراكش اللتان تستأثران بحصة 70 % من المبيتات الدولية وهو ما أكدته الوزارة الوصية على القطاع[5].
– التركيز على السياحة الفاخرة لجلب شريحة من السياح الأجانب ، بدل العمل على الاهتمام بتنمية السياحة الداخلية بالرغم من وضع مخطط بلادي الذي لم يحقق الأهداف المأمولة منه ، كما أن الاهتمام بالسياحة الخارجية أفرز لنا تأثيرات سلبية على الساكنة المستقبلة (القيم والثقافة المغربية والأخلاق التي تتأثر بسلوكيات السياح الأجانب ، ولعل ما تطالعنا به الصحف المغربية من حين لآخر عن أحداث وتصرفات غير قانونية ولا أخلاقية لسياح أجانب لخير دليل على ذلك ، زيادة على حديث هذه الصحف عن انتشار السياحة الجنسية ببلادنا خاصة بمراكش وأكادير..
– التركيز على دعم السياحة ببعض الجهات والمدن الكبرى بالبلاد ، وهذا سيعزز من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين مختلف جهات البلاد.
فالسياسة السياحية التي تم نهجها لعقود لم تمكن بلادنا من الانخراط بقوة في محيط دولي مطبوع بالتنافسية خاصة من بلدان شبيهة لنا كمصر وتونس ، وتركيا فهذا البلد مثلا يسعى بقوة أ ن يكون من بين الأوائل في القطاع السياحي، ففي إطار استراتيجياتها السياحية تأمل إلى جلب حوالي 40 مليون في أفق سنة 2023، ورفع المداخيل السياحية الخارجية إلى 50 مليار دولار سنويا ، وتسعى أيضا أن تكون من ضمن الوجهات الخمس الأولى في العالم بحلول سنة 2023.
الفرع الثالث : رهانات وآفاق التنمية السياحية
إن القطاع السياحي أصبح من القطاعات الاستراتيجية الهامة ببلادنا ويحظى بأهمية متزايدة من طرف صناع القرار ، بالنظر لمساهماته في دعم الاقتصاد الوطني، وبالتالي فالدولة تسعى جاهدة لجعل السياحة صناعة تساهم في تنشيط كل القطاعات الحيوية بالبلاد ، لكن الدفع بعجلة التنمية رهين بتجاوز إشكاليات وإخفاقات القطاع .
وعليه فالأمر يتطلب نهج استراتيجية شمولية للسياحة والتهيئة المندمجة التي تأخذ بعين الاعتبار ( البعد القانوني ، البعد الاقتصادي ، الاجتماعي، البئيي، العمراني…) مع ضرورة إرساء حكامة جيدة في تدبير القطاع .
كما ينبغي للسلطات الوصية على القطاع وخاصة وزارة السياحة وباقي القطاعات العمومية بذل مجهودات كبرى من أجل الرفع من جودة المجالات السياحية من خلال الاهتمام بتقوية البنيات التحتية ( خلق مطارات في المناطق السياحية الجديدة.. إحداث الطرق والطرق السيارة ، تحديث أسطول النقل البري داخل المدن…).
وعليه أصبح لزاما على الدولة أن تعيد النظر بجدية في طريقة تدبيرها للقطاع السياحي وذلك بالنظر للمنافسة القوية ( إسبانيا ، اليونان، إيطاليا..) ودولا إسلامية وعربية ( تركيا ، تونس …) ، كما ينبغي تكاثف الجهود بين كل القطاعات الحكومية والتعاون بين الدولة والجهات بما يسمح بخلق فرص التنمية واستقطاب الاستثمارات وتوطينها بكل جهات البلاد.
إن النهوض بالسياحة ببلادنا ، ينبغي ألا تكون مسؤولية وزارة واحدة وهي وزارة السياحة أومصالحها الخارجية أو المكتب الوطني للسياحة، بل هي مسؤولية كل السلطات العمومية من وزارة المالية وإدارة أملاك الدولة فيما يخص توفير العقار، والجماعات الترابية فيما يخص تهيئة المواقع السياحية ، ووزارة التجهيز فيما يخص البنيات التحتية الأساسية من طرق سكك حديدية ومطارات .. وعليه ينبغي انخراط كل السلطات في العمل السياحي، كما أن الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص هي حجر الزاوية الحقيقية لتخطيط سياحي قوي للنهوض بالتنمية السياحية.
وخلاصة القول أنه ينبغي أن تكون السياحة في قلب التنمية المستدامة تساهم بدورها بشكل ناجع في حل الإشكاليات المجتمعية كالفقر والبطالة ، سياحة مستدامة تحافظ على الهوية الثقافية والتقاليد المغربية الأصيلة مع التجديد المقبول . إن المغرب بثقافته وتراثه العميق ( الطبخ ، الفن المعماري ، الفلكلور والثقافات المحلية ..)يمكن أن يحقق الكثير في القطاع السياحي .
ليس المهم أن نهتم كثيرا بالجوانب المادية الصرفة والأشكال الهندسية المبهرة والبنايات السياحية المستوحاة من الغرب ، لكن الأهم أن نهتم بثقافتنا، بحضارتنا،وأن نأخذ من الآخر ما يلائم هويتنا، لأنه قد تبت أن التقليد الأعمى للبرامج الاقتصادية والاجتماعية لا يفيد في شيء، بل يكرس تبعيتنا للغرب الذي يفرض علينا شروطه وقوانينه من خلال هيئاته ومؤسساته المالية ، وبالتالي يظل القرار الاقتصادي ليس بأيدينا ولكن بأيدي تلك المؤسسات التي تقدم قروضا مشروطة وتملي حلولا مفروضة .
صفوة القول أن التنمية الحقيقية هي التنمية التي تحقق الكرامة لكل المواطنين من خلال تحسين ظروف عيشهم وتوفير الشغل، التطبيب، التعليم، الحرية . التنمية الحقيقية هي تسخير كل الجهود والإمكانات والطاقات للنهوض بالاقتصاد الوطني ليس من خلال السياحة فقط، بل من خلال الاهتمام بجدية بالقطاعات الأخرى كالتعليم والصحة والفلاحة والصناعة والصيد البحري وكذلك التخفيف من حدة الديون الداخلية الخارجية والاهتمام بإصلاح شمولي للقطاعات الحيوية التي تقدم خدمات حيوية للمواطنين .
أهم المراجع المعتمدة:
[1] Mimoun hilali la politique du tourisme au maroc ? dianostic bilan et critique l’aharmattan 2007.
[2] Mimoun hilali op cit p: 146.
[3] إسماعيل عمران : التنمية السياحية بالمغرب تطلعات وتحديات ومفارقات الجزء الثاني الطبعة الأولى مطبعة دار القلم الرباط 2009
[4]Abdelhadi alami / le tourisme marocain l’eternel espoir ?edition media ten 2004
[5] Vision 2020 contrat programme 2011/2020.