ظاهرة الهدر المدرسي : الأسباب والحلول

من إعداد: د. عبد العزيز رشدي

باحث بالمركز

تقديم

يظل الهدر المدرسي إحدى الخصائص الهيكلية التي تطبع النظام التعليمي المغربي، وهذه الظاهرة تعد من أكبر المعيقات التي تعرقل تطور العملية التعليمية بجميع مراحلها، والتي  تسببت في نزيف كبير للموارد البشرية، وهي ظاهرة مركبة تشمل مجموعة من العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

وقد لاحظت العديد من الدراسات أن ظاهرة الهدر المدرسي تنتشر أكثر بالوسط القروي، تليه  الأحياء الشعبية، أي الأحياء الهامشية والفقيرة بالوسط الحضري،  مما يعمق من نتائجه الخطيرة، مثل انتشار الأمية والبطالة والجريمة في المجتمع وهدر الموارد المالية للدولة، كما يؤدي  حتما إلى الانحراف والتهميش والإقصاء واستغلال الأطفال في سوق العمل قبل سن الخامسة عشرة.

وقد كشفت الأرقام الرسمية أن ظاهرة الهدر المدرسي في تصاعد متزايد، في السنوات الأخيرة ، لذلك فمن المرتقب أن يكون هذا الملف حاضرا في مشروع الإصلاح القريب الذي تباشره وزارة التربية الوطنية.

 وبناء عليه، فقد  ارتأيت من خلال هذا المقال تسليط الضوء عن هذه الإشكالية، التي بلا شك تؤرق بال المسؤولين عن القطاع التربوي في بلادنا، وذلك لإبراز أبعاد هذه الظاهرة وتلمس أسبابها ، مع وضع بعض المقترحات الكفيلة بالتصدي لها أو الحد منها.

الفرع الأول: تعريف الهدر المدرسي

مهما تعددت الأسماء واختلفت المفاهيم والمصطلحات حول الهدر المدرسي، فإن هذه الظاهرة تحمل مدلولات ومسميات أخرى كالتسرب والفشل المدرسي، والتخلف الدراسي، والانقطاع المدرسي، وعدم التكيف الدراسي..، وكثير من المفاهيم التي تعد حقلا خصبا لسوسيولوجيا التربية هي نتيجة واحدة لشيء واحد، هو ترك الدراسة قبل إنهاء مرحلة معينة، وهي آفة تسائل الدولة والمجتمع، بل تسائل السياسة التعليمية ببلادنا ككل.

  لذا ينبغي علينا أن نعترف أننا أمام ظاهرة تؤرق المجتمعات العربية بشكل عام، والمغرب بشكل خاص،  وتساهم في عدم  تطور الفرد بل المجتمع برمته، فهي من العوامل القادرة على  شل حركة المجتمع ووضعه في دائرة التخلف والتقهقر، بعيدا عن مواكبة لغة العصر في التقدم والانفتاح  .

الفرع الثاني أسباب الهدر للمدرسي وانعكاساته.

تبين الإحصائيات الرسمية  الصادرة عن وزارة التربية الوطنية، والتي أجريت خلال سنة 2008 أن أكثر من 300.000 ألف تلميذ وتلميذة من الفئة العمرية (6-15سنة ) ينقطعون سنويا عن الدراسة [1]، هذا الأمر الذي يتسبب في تأخر التعليم من جهة ، وفي الرفع من نسبة الأمية  من جهة ثانية ، والتي تصل نسبتها إلى حوالي 34% حسب الإحصائيات  الرسمية[2] ، بينهم أكثر من مليون طفل يتراوح عمرهم 9 و14 خارج المدرسة لا يعرفون القراءة والكتابة. كل هذا يجعل بلادنا تحتل مراتب متدنية في مؤشرات التنمية البشرية بالرغم من المجهودات المبذولة .

  فالهدر المدرسي يشكل آفة تؤثر سلبا في تنمية مجتمعنا، حيث أظهرت دراسة من طرف المجلس الأعلى للتعليم سنة 2008 أن التلاميذ الذين ينقطعون عن الدراسة بعد أربع سنوات يؤولون إلى الأمية، مما يشكل استنزافا للموارد البشرية والمادية للبلاد، إذ يمكن تقدير تكلفة عدم التمدرس والانقطاع عن الدراسة بنسبة 2%من الناتج الداخلي الخام، وهذه الظاهرة كما أسلفنا تنتشر بالعالم القروي، مما يستنزف التقدم الذي تحقق  في تقليص الفوارق في نسب التمدرس بين الوسطين الحضري والقروي، وبين الجنسين فمعدل تمدرس الفتيات بين 12 و14 سنة من العمر لم يتجاوز %43 في الموسم الدراسي 2006-2007 مقابل %75 كمعدل وطني بالنسبة لهذه الفئة العمرية. وتضاف فئات التلاميذ المنقطعين عن الدراسة، إلى صفوف المستهدفين  ببرامج محاربة الأمية وبرامج التربية غير النظامية، التي تبقى المسلك الوحيد لإعادة الإدماج في المنظومة ، علما أن الطاقة الاستيعابية لاستقبال المستفيدين من هذه البرامج لا تكفي آلاف المنقطعين عن الدراسة.

 في خلاصة تقرير منظمة اليونسكو، وهي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة،   والصادر سنة 2014، جاء فيه أن المغرب احتل المرتبة ما قبل الأخيرة عربيا في عدد الخريجين. كما أن 10% من الأطفال لا يلتحقون بالمدرسة، و حوالي 34.5 % فقط هي نسبة التلاميذ الذين يلتحقون بالتعليم بالثانوي، هذا بالرغم  من  كل الإمكانيات التي توظف في قطاع التربية والتعليم، والتي تفوق 5 % من الدخل العام للبلد.

أما عن أسباب الهدر المدرسي، فتتنوع بين أسباب اجتماعية، وثقافية، واقتصادية، ونفسية، وتربوية،  وجغرافية

أولا: الأسباب الاجتماعية والثقافية

 وتتجلى في العوامل والأسباب التالية:

  • الغياب المتواصل للآباء عن البيت، العنف داخل الأسرة، الانحراف الأخلاقي لبعض التلاميذ والتلميذات ( التعاطي للتدخين والمخدرات..)
  • أمية الآباء، غياب علاقات التواصل مع الأسرة، رفض بعض الآباء لتمدرس الفتاة (خوفا من تعرضها للتحرش الجنسي، أو من صدور أعمال عنها قد تسيء إلى سمعة العائلة …)
  • سيادة بعض الأفكار الخاطئة حول تدريس الفتاة القروية، حيث ترى بعض الأمهات أن البنت يجب أن تتعلم الأعمال المنزلية وبعض الأنشطة الممارسة في المنطقة، وهذا كفيل لها بحياة زوجية ناجحة أما الدراسة فهي شيء ثانوي.
  • مسألة الزواج المبكر، والتي تعد من بين الأسباب التي توقف مسيرة الفتاة الدراسية عند مراحلها الأولى.

  أما الأسباب الثقافية فتتعلق أساسا بنظرة السكان القرويين للمدرسة، فالعادات والتقاليد تلعب دورا هاما، فقد نجد أسرا أحيانا  تشجع أبناءها وبناتها  على التمدرس خلال المرحلة الابتدائية فقط.  

 ثانيا: الأسباب الاقتصادية

 وتتجلى في الفقر والحاجة، والدخل المحدود للأسر، وضعف الموارد المالية للتكفل بدراسة الأبناء. هذا إضافة إلى تشغيل البعض منهم لأطفاله في أعمال الفلاحة وغيرها من الأعمال وتكليف الفتياة بأعمال البيت، إلى جانب غياب النقل المدرسي أو محدوديته في الوسط القروي.

ثالثا: الأسباب النفسية 

 تتجلى في صعوبات اندماج التلاميذ في المحيط المدرسي، ومدى قابليتهم للانخراط في المؤسسة التعليمية، وصعوبات التعلم لدى العديد منهم.

رابعا : الأسباب التربوية 

 تتجلى هذه الأسباب في النقط التالية:

  • ضعف قدرة بعض التلاميذ على مواكبة وتيرة الدراسة؛
  • تعدد المستويات الدراسية في القسم الواحد في بعض الأماكن من العالم القروي، وكذا الاكتظاظ، الذي يمكن اعتباره ظاهرة عامة بأغلب المؤسسات التعليمية على الصعيد الوطني.
  • عدم ملاءمة المقررات مع خصوصيات الفئات المستهدفة، فضلا عن حالات التكرار المتعددة، وكذا ارتفاع تكلفة التدريس بالنسبة للفئات المعوزة؛
  • سوء العلاقة بين المعلم والمتعلم؛
  • غياب الوسائل البيداغوجية والديداكتيكية؛
  • عدم جاذبية الفضاء المدرسي وقلة الأنشطة المدرسية والترفيهية؛
  • عدم ملاءمة بعض برامج التكوينات الأساسية للأساتذة والمديرين مع متطلبات المدرسة والتلاميذ؛
  • ضعف تغطية المدرسة لحاجيات تمدرس الطفل (الكتب والمعدات المدرسية، عدم توافر المطاعم المدرسية بالعديد من المدارس وخاصة بالعالم القروي، عدم وجود دور الطالبة بالقدر الكافي..)
  • ضعف البنيات التحتية المدرسية، وفي هذا الإطار لا تزال العديد من المدارس  بالمناطق القروية بالخصوص غير مرتبطة بشبكة الماء الصالح للشرب أو لا تتوفر على مرافق صحية ، أو تفتقر للكهرباء. وقليلة هي المؤسسات التعليمية التي تتوفر على سكن مخصص للمدرس ، ومن ثم فإن عددا مهما من المدرسين يزاولون عملهم في ظروف غير ملائمة للعملية التربوية .
  • حالات الغياب المتكررة لدى بعض المدرسين، والتي تعود في الغالب إلى ظروف العمل الصعبة ولاسيما بالوسط القروي (البعد، السكن، النقل، التجهيزات…).

كل هذه الأسباب التربوية التي ذكرناها وأسباب أخرى، تلعب دورا كبيرا في تراجع دور المدرسة ورسالتها التربوية وتفقدها الثقة في المحيط الاجتماعي والأسري، وتخلق نفورا في نفوس التلاميذ الذين يغادرون حجراتها وأقسامها دون استكمال دراستهم.  وهذه الوضعية المقلقة تسائل دور الدولة والوزارة الوصية على القطاع، وكذا دور الجماعات الترابية في توفير بنيات مدرسية  بمواصفات جيدة ولائقة.

خامسا : الأسباب الجغرافية

تتجلى في بعد المؤسسات التعليمية عن سكن التلاميذ ولاسيما بالوسط القروي، وتشتت السكن، وصعوبة المسالك وانعدامها أحيانا، وقساوة الظروف المناخية خصوصا بالمناطق الجبلية.

الفرع الثالث: الإجراءات المتخذة  من طرف قطاع التربية الوطنية للحد من الهدر المدرسي

 إن هذه الظاهرة بحجم خطورتها والإشكالات التي تطرحها سواء على مستوى المؤسسة التعليمية أو الفرد المتعلم أو الأسرة والمجتمع برمته، دفعت بلا شك وزارة التربية الوطنية إلى بدل  جهود كبيرة من أجل الحد منها، وذلك من خلال توسيع نطاق برامج التدخل (محاربة الأمية ومدرسة الفرصة الثانية) ووضع مقاربة وقائية عبر إرساء خلايا اليقظة خاصة في العالم القروي، ووضع عدة برامج منها: برنامج المواكبة التربوية لفائدة التلاميذ المتعثرين، وبرنامج الدعم التربوي، وبرنامج الدعم الاجتماعي، وبرنامج تأهيل المؤسسات التعليمية وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع البناءات المدرسية.

ويعد برنامج  تيسير، والذي يهدف إلى توفير منح دراسية لفائدة التلاميذ والتلميذات المنتمين للأسر  الفقيرة، إلى جانب مشروع مليون محفظة، أهم انجازات البرنامج الاستعجالي في اتجاه الرفع من نسبة المتمدرسين والاحتفاظ بهم لأطول مدة ممكنة، تحقيقا لهدف إلزامية التعليم ومجانيته إلى حدود 15 سنة.

كل هذه الإجراءات وغيرها كانت تستهدف الحد من الهدر المدرسي، لكن الواقع يزكي ويبين أن الهدر لم يتم الحد منه، ولازال نزيف الانقطاع المدرسي في تزايد. وهذا يطرح تساؤلات عن محدودية البرامج المتبعة، ومدى استفادة كل التلاميذ الذين يعانون من وضعية هشة،  بل نتساءل عن مدى شمولية المواكبة التربوية،  هل هذه المنظومة تشمل البرامج الموجهة للتلاميذ العاديين والمتميزين أنفسهم الذين هم أيضا بحاجة إلى برامج المواكبة التربوية . بل إن المؤسسات التعليمية ذاتها، بجميع مكوناتها بما فيها من أطر إدارية وتربوية وتقنية، هي أيضا  بحاجة إلى تتبع ومواكبة وتقويم مستمر، كما نتساءل عن عنصر الحكامة في هذه البرامج   أي عن مدى نجاعتها، وإلى أي حد تم تفعيلها على أرض الواقع،  وكذا عن مسألة التتبع والمراقبة والتقويم  وسبل تدبير هذه الإجراءات.

ففي دراسة ميدانية  أجرتها إحدى جمعيات التنمية البشرية بمدينة وزان ونواحيها[3] خلصت فيها إلى أن نسبة الهدر المدرسي ستستمر في الارتفاع في السنوات المقبلة لأن الجهات المسؤولة تتعامل مع منشطي التربية غير النظامية باللامبالاة وبأساليب متجاوزة ولا يتوصلون بمستحقاتهم الهزيلة إلا بعد مرور أكثر من سنة.  وتوصي هذه الدراسة بالعناية بالمنشطين واعتبارهم قوة اقتراحية علاوة على إعادة وزارة التربية الوطنية النظر في مضامين مقررات التربية الغير النظامية، وأن تكون هناك شراكة فعالة ما بين الوزارة المعنية وجمعيات المجتمع المدني تقوم على مبادئ الحكامة الجيدة والتدبير العقلاني، مع جعل الجماعات المحلية شريكا أساسيا في هذا المجال.  

الفرع الرابع : مقترحات من أجل الحد من الهدر المدرسي

ينبغي أن نعيد التأكيد على أن  ظاهرة الهدر المدرسي  تعتبر معضلة تربوية كبرى تحول دون تطور المنظومة التعليمية ببلادنا خصوصا بالعالم القروي، كما أن لها آثارا وخيمة، كارتفاع نسبة الأمية والبطالة وانحراف الشباب. لذا فإن الظاهرة تتطلب حلولا ملموسة وعميقة وبعد  نظر واعتماد مقاربات جديدة في مواجهتها، سيكولوجية واقتصادية واجتماعية. وفي هذا الإطار، يمكن  تقديم بعض المقترحات التي نراها مهمة من أجل الحد من الهدر المدرسي وهي كالتالي:

أولا: تفعيل أدوار المؤسسة التعليمية

  • عن طريق ضبط الغياب وانقطاع التلاميذ وتنويع وإغناء الموارد المالية والتمويلية لتنمية قطاع التعليم وتفعيل الهياكل اللاممركزة مثل مجالس التدبير والفعاليات المحيطة بالمدرسة، والإدارة التربوية نفسها، ووضع خطة لتنظيم الدعم التربوي، وتوسيع قاعدة المستفيدين من القاعات المتعددة الوسائط، وتكثيف محاربة الأمية والتركيز على الوظيفية منها، والعمل على تشجيع الشراكة في مجال النقل المدرسي.
  • تأهيل الموارد البشرية العاملة بالمؤسسات التعليمية واستكمال تكوينها.

ثانيا:  تنمية الفضاء المدرسي

  • عن طريق تحسين فضاءات المؤسسة التعليمية لتوفير شروط الراحة والجاذبية للتلاميذ، وتجهيز الوحدات المدرسية بالماء والكهرباء والمرافق الصحية والرياضية.
  • ضرورة تقريب المدارس من التجمعات السكانية، وتمتين جسور التواصل بين المدرسة والأسرة ، وكذا معرفة الصعوبات التي يعاني منها التلميذ في تأقلمه مع المحيط المدرسي، وإفساح المجال أمامه لإبراز ذاته  والتعبير عن رغباته واهتماماته ، علاوة على خلق أنشطة ثقافية موازية ودعم الأنشطة التربوية.

ثالثا: إجراءات التدخل والتعبئة  والتأطير  

تتجلى هذه الإجراءات  في النقط التالية:

  • تكثيف التحسيس والتأطير وتقديم الدعم المادي والتربوي والاجتماعي، ومنها أساسا تحسين جودة الخدمات المدرسية، وتوسيع شبكات المطاعم المدرسية والداخليات وتعميمها في مختلف المناطق القروية وتجهيزها وترميمها والعناية بها.
  • بناء دور ملائمة للفتيات المنحدرات من الوسط القروي وضمان بيئة تربوية مناسبة، وتوفير مساعدات اجتماعيات لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي
  • مواصلة تطوير النقل المدرسي لفائدة الأطفال القاطنين بعيدا عن المنشآت التعليمية، وإحداث جمعيات لهذا الغرض لأجل التتبع.
  • الزيادة في المنحة التي تقدمها الحكومة للتلاميذ في وضعية هشة –في إطار برنامج تيسير- مع رفع عدد الممنوحين والاستفادة من الدعم الاجتماعي.
  • تعبئة وانخراط كل الفاعلين (حكومة ومجتمع مدني، وفاعلين محليين وجهويين، من أجل إرساء خطة استراتيجية شاملة تستهدف التدخل لتحديد المناطق والجماعات الأكثر حاجة واستعجالية والتي تعرف نسبة كبيرة في الهدر المدرسي.
  • انخراط المؤسسات التعليمية، وجمعيات أولياء وأمهات التلاميذ، والأساتذة، والمربين، ومؤسسات محلية من أجل وضع خطة ميدانية لمحاربة الهدر المدرسي، من خلال عقد لقاءات مباشرة مع الآباء والأمهات لحثهم على تدريس أبناءهم  خاصة بالبوادي، أو من خلال وضع منشورات ومطويات للتعريف بظاهرة الهدر المدرسي وخطورتها وأثرها  السلبي على التلميذ والمجتمع، وفي المقابل توضيح أهمية التعليم وأثره الايجابي في حياة أبناءهم وبناتهم.

  وخلاصة القول أن محاربة الهدر المدرسي بكل أشكاله وبمختلف الأسلاك التعليمية بهدف الاحتفاظ بالتلاميذ أكثر ما يمكن داخل النظام التربوي،  يتطلب حلولا عميقة ودعما وطنيا ومساهمة دولية،  من خلال الرصد والاطلاع على الاستراتيجيات والمقاربات المعمول بها في سياقات متعددة لجعل التلميذ محور الاهتمام، وتقديم أجود الخدمات، وتوفير شروط النجاح المدرسي، وربط المؤسسة التعليمية بمحيطها بشكل يساعد على تكوين المواطن المتشبث بقيم المواطنة والهوية والمنفتح أيضا على قيم العصر والديمقراطية.

إن  ورش الإصلاح  الذي تقوده وزارة التربية الوطنية اليوم  في إطار مشاورات جهوية مع الفرقاء والفاعلين الجهويين، يتطلب  بكل إلحاح إعادة النظر في الدور الحالي للمدرسة العمومية في اتجاه تقوية  إشعاعها وإبراز مكانتها ، وفي اتجاه إعادة الاعتبار للمربي لأداء رسالته النبيلة والجسيمة في نفس الوقت، لأنه يؤدي أصعب مهمة وهي وظيفة تربية النشء والأجيال المتسلحة بالمعرفة الصحيحة والبناءة التي تسهل انخراطه في الحياة العامة والإسهام قدر جهده في عملية التنمية المأمولة،  وذلك من أجل ضمان  مدرسة عمومية تعيد الثقة للأسر المغربية، وتكون فضاء جذابا ومستقطبا للتلميذ، مدرسة عمومية تتوفر على بنيات تحتية جيدة، وتقل فيها الإكراهات والصعوبات التي يعاني منها نظامنا التعليمي منذ عقود ( الهذر المدرسي، الرسوب، الاكتظاظ ، التكرار،الأمية…).

[1]  موقع وزارة التربية الوطنية على الإنترنيت  www.men.gov.ma

[2] نظرة عامة عن  الحالة الراهنة للمدرسة المغربية – تقرير المجلس العلى للتعليم لسنة 2008

[3] هذه الدراسة أنجزت من طرف  جمعية جدور للتنمية البشرية للتفصيل الإطلاع على الرابط http://jedour.freehostia.com/

اترك تعليقاً